جاري تحميل الصفحة
مدارس المهدي

التربية على المهدوية أثمرت في مشهدية "سلام يا مهدي"، فماذا بعدها...؟؟

قيم الموضوع
(1 تصويت)

باسمه تعالى        

 

التربية على المهدوية أثمرت في مشهدية "سلام يا مهدي"، فماذا بعدها...؟؟

 

أ. نوال خليل[1]

الإمام المهدي ع الشاهد والأمل الموعود

 

تجاوزت أنشودة "سلام يا مهدي" – على الرغم من عفويتها وبساطتها- الحدود الجغرافيّة والعرقيّة والقوميّة لتقارب العالمية؛ حيث انطلقت الشرارة الأولى لاجتماع القلوب في الوفاء بالعهد؛ من قلوب الأطفال والناشئة الطاهرة المتقبّلة لكلّ خير والأسرع إلى تلقّفه.

 ففي الحديث : سأل الإمام جعفر الصادق ع تلميذه محمد بن النعمان المعروف بمؤمن الطاق، وكان مهتمًا بنشر تعاليم الإسلام ومعـارف أهـل البيتع ؛ سأله الإمامع: "كيف رأيت مسارعة الناس في هذا الأمر ودخولهم فيه؟ فقال: والله إنهم لقليل. فقال له الإمام ع: "عليك بالأحداث فإنهم أسرع إلى كلّ خير"[2].

وهو ما يشير إلى العناية الخاصّة التي يوليها الأئمةعومنها عناية الإمام المهديع في تربية الأطفال والنشء وبناء تديّنهم.

 والإمام المهديع كما هو ثابت عند الشيعة معروف بالإسم والخصائص وتاريخ الولادة، فهو الحاضر الغائب، كما يُعبّر الإمام الخامنئي  (دام ظلّه): "حجة الله حيٌّ وموجودٌ بين الناس ويعيش في ما بينهم ويرى الناس وهو معهم، ويشعر بآلامهم واسقامهم..."[3] حتى أنّ البعض من ذوي الاستعدادات المعنوية والكمالات الروحية تشرفوا برؤيته. فهو "يقرأ القرآن ويبيّن المواقف الإلهية، ويركع ويسجد ويدعو ويظهر في المجامع ويساعد البشر، وله وجوده الخارجي والعيني، غاية الأمر أننا لا نعرفه"[4].

 

وبناءً عليه، إنّ حقيقة وجود الإمام المهديع ليست اعتقادًا ذهنيًا، ومجرد أمنية ننتظر تحقّقها في نهاية العالم وحسب، بل هي حقيقةٌ حاضرة فاعلة ومدبرة لها مشروعها الذي هو امتدادٌ لحركة الأنبياءع والأئمةع في محاربة الظلم، والفساد والكفر وإرساء العدل والتوحيد، كما وعدنا القرآن الكريم في قوله تعالى: "وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ"[5]. ولهذا المشروع الإلهي تمظهرات متنوعة تحظى بتأييد الإمامع بعنوانها العام، على رأسها ولاية الفقيه الجامع للشرائط، نائب الإمام الحجةع  في عصر الغيبة الكبرى. وما يُمثّله من دور قيادي وهدايتي يقرّب الأفراد والمجتمعات من تحقيق أهداف الإمامع، وظهوره العلني لإقامة دولة العدل العالمية وتشييد الحضارة الإسلامية.  ورد في التوقيع الشريف للإمامع: "وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم"[6].

من هنا تأخذ وسائط التنشئة الاجتماعية في ظل ولاية الفقيه المتصلة بولاية الإمام المعصومع، صبغة مهدوية متأصّلة، فتصبح مسؤولية الأسرة المهدوية والمدارس المهدوية والإعلام المهدوي والكشّاف المهدوي ....، بناء الفرد المهدوي المتحلّي بصفات تجعله في دائرة الانتساب الحقيقي لإمام زمانهع والانخراط في مشروعه الكبير والتمهيد لظهوره المبارك.  

وإذا نظرنا إلى مشهدية "سلام يا مهدي" بتوجيهٍ من الولي الفقيه الإمام الخامنئي (دام ظلّه)، وما حملته من معاني الحبّ والشغف والعزم والولاء و..، نجد أنها ثمرة لتنشئة وتربية اجتماعيّة امتدّت لسنوات، وتبلورت مع بزوغ فجر الإمام الخميني (قده) الذي حمل معه الفكرة والعمل على المهدوية؛ بوصفها قلبًا نابضًا وعقلًا مدبرًا لحركة الدين وديمومية التديّن وتجليه في الأفراد والمجتمعات. الأمر الذي يلقي مسؤولية أكبر على وسائط التنشئة وأساليب عملها ليكون أكثر قصديًا وهدفيةً وتخطيطًا للحفاظ على هذا الإرث من الارتباط بالإمامع وترسيخه في نفوس النشء؛ فيغدو كلّ فرد ممّهدًا ومنتظرًا حقيقيًا، له دوره التكاملي والتصاعديّ في تعجيل الفرج.

بناء الهوية المهدوية

إذا أردنا تربويًا العمل على بناء هوية مهدوية؛ بحيث تتشكل تدريجيًا واختياريًا في باطن الفرد "في إطار تركيبي من المعرفة، والإيمان، والميل، والإرادة والعمل (الفردي والجماعي) المستمر وبالتالي اكتساب صفات وقدرات خاصة"[7]، من الضروري الانطلاق من تفعيل هذه العناصر بالإضافة إلى تنشيط "الفطرة الإلهيّة، واستثمار القدرة العقلية، والاستفادة من الاستعدادات الطبيعيّة والميول والمشاعر المتنوعة، وملاحظة التأثّر النسبيّ بعوامل الوراثة والبيئة"[8]. بما يعزّز مسؤوليّة الفرد في التمهيد للمشروع المهدوي الحضاري؛ وتوكيد العلاقة مع الإمام المهديع والعمل بالعقيدة والقيم المهدويّة.

 

كما أن تشكّل الهوية وتساميها يتوقّف على الفهم المستمر لوضعية[9] الذات والآخرين والعمل على تحسينها تبعًا للنظام المعياري الإسلامي[10]، والوضعية بهذا اللحاظ تتمثّل في نسبة علاقة الفرد مع وجود الإمام المهديع وتمظهرات هذه العلاقة بمحورية العلاقة مع الله. وينتج عن هذا ضرورة اكتساب الفرد المتربي مجموعة من القدرات واللياقات الضرورية في الجوانب الآتية التي تمثل عناصر تشكل الهوية:

الجانب المعرفي والتصديقي

تعرّف المتربي إلى شخص الإمام مستحضرًا قصة ولادته وألقابه ودلالاتها وصفاته والآيات والأحاديث حوله، واستذكاره واجباته تجاه الإمامع ومسؤولياته في التمهيد، وصفات الممهدين للإمام المهديع وأنصاره، وعلامات الظهور الحتمية، وخصائص المجتمع المهدوي في عصر الظهور.

تعليل المتربي أسباب غيبة الإمامع والحكمة من ورائها، والاستدلال على إمامته ودوره في الهداية وارتباطه بحركة الأنبياء وأنّه الإمام الموعود المنتظر لوراثة الأرض وإقامة الحكومة الإلهيّة العالميّة العادلة، والتمييز بين المعنى الحقيقي لانتظار الفرج، وبين مفهومه الخاطئ، مبيّنًا كيفية التمهيد الفردي والجماعي للظهور، ومناقشة مجموعة من الأفكار والشبهات حول أصل وجود الإمام المهدي ع وطول عمره وغيبته وعلامات ظهوره، والمخلِّص عند باقي المذاهب والأديان، مفندًا وداحضًا لها. مع الالتفات في ذلك كلّه إلى مراعاة القدرات العقلية لدى المتربي.

الجانب الإيماني

إيمان المتربي بأن الإمام المهديع إمام معصوم حيّ مطّلع، غائب عن الأنظار، ادّخره الله لآخر الزمان ليملأ الأرض قسطًا وعدلًا،ويرفع الظلم. وهو ولي الله الأعظم وخليفته في الأرض،وواسطة الفيض ومَظْهَر لطف الله ورحمته وفعله في تدبيره وإدارته للعالم، وأفضل خلق الله وأكرمهم وأعلمهم في زمانه، وطاعته ومودته ونصرته واجبة.

الجانب العاطفي والوجداني

تعبير المتربي عن محبته للإمام المهديع، وشوقه للإمام وحزنه على فراقه، والاستعانة والتوسل به عند مواجهة الصعاب وفي طلب الحوائج؛ فهو باب الله الذي منه يؤتى، وهو الذي يرعاه ويسدّده، ويُفرح قلبه المبارك بأعماله الحسنة وبتقربه منه.

 الجانب العملي

قيام المتربي بمجموعة من الأعمال الممهدة والمقربة من الإمامع، والتي تعزّز التواصل المباشر معه من قبيل: تلاوة الدعاء والزيارة الخاصة بالإمام المهديع (دعاء العهد، دعاء الفرج، زيارة آل يس، دعاء الندبة...)، الدعاء يوميًا لسلامته ولتعجيل ظهوره، وحمد الله على نعمة وجوده، السلام عليه والوقوف احترامًا عند ذكر اسمه، إهداء الإمامع ثواب عمل عبادي وأعمال حسنة (صلوات، صدقة، تلاوة قرآن، صلاة ركعتين، إطعام مسكين، مساعدة محتاج، نجاح دراسي...)، المشاركة في المناسبات الخاصة بالإمامع (ولادته في 15 شعبان..)، تنفيذ مشروعًا لمعالجة قضية (اجتماعية وثقافية وسياسية..)بما يعزّز مسؤوليّته في التمهيد، مشاركة رفاقه في تنفيذ أنشطة متعلقة بالتمهيد والولاية وخط المقاومة والجهاد، التخطيط لدوره الاجتماعيّ والعلميّ والعمليّ المستقبلي في المشروع المهدوي الحضاري.

الجانب الأخلاقي

مودة المتربي للإمامع وتوليه وتبريه من الظالمين، والتحلّي بصفات الإخلاص، والصبر، والعزة، والشجاعة، والثبات، والاستقامة، وعلو الهمة، والإقدام، والانتاجية، والعزم، والأمل، والتعاون، والنصرة، ورفض الظلم ومحاربته، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من الصفات الأخلاقية.

 

 

وهذا الأمر يستدعي من المربين على مختلف انتمائهم لوسائط التنشئة، تهيئة الفرص والمواقف الحياتية المناسبة والجاذبة والمنسجمة مع الفطرة والعقل لاكساب المتربي هذه اللياقات، والسعي لتقديمها بقالبٍ من الجمال، والابداع، والاتقان، والتشويق، والحيوية، والإقناع، ما يحتاج إلى تعزيز البيان واللغة والتفكير الفلسفي والمنطقي والرمزي، بما ينسجم مع الفئة العمرية المخاطبة واحتياجاتها وميولها وبنيتها المعرفية والمنطقية والمهاراتية والوجدانية.

وبالإمكان الاستعانة ببعض الأفكار العملية من قبيل: مطالعة الكتب والقصص، تنفيذ المشاريع، الرسم، الكتابة، جلسات الحوار والنقاش، لعب الأدوار، المسرح والسينما، المخيمات الكشفيّة، الدورات الجهادية، المحاضرات، الأناشيد، البوسترات والأفلام القصيرة، الاحتفالات، جلسات الدعاء والوعظ في المساجد، زيارة قبور الشهداء، الألعاب، المدونات .....

وفي الختام يجدر الاعتراف بأنّ كل ما قدمناه من اقتراحات وأفكار لا يرقى إلى الفعل الكليّ الذي يقوم به الإمام المهديع في قيادة العالم وحفظه، وتوجيه سفينة الهداية باتجاه الكمال الحقيقيّ للبشرية، فهذه المسيرة بكُلّها، وهذه القلوب بأجمعها خاضعة مستكينة لولي أمرها، معترفة بعجزها ويُتمها في غيابه، تلتمس الفرج من بارئها ... مردّدة في كلّ صباح ومساء: "إنّهم يرونه بعيدًا ونراه قريبًا.."

 


[1]- كاتبة وباحثة في مجال فلسفة التربية الإسلامية.

[2]- المجلسي، محمد باقر: بحار الأنوار، ط2، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1403 هـ، ج 23، ص 236.

[3]- الإمام الخامنئي، علي: إنسان بعمر 250 سنة، إصدار جمعية المعارف الثقافية، بيروت، ص 371.

[4]- م.ن، ص 378.

[5]- الأنبياء: 105

[6]- القمي، أبو جعفر محمد بن بابويه: كمال الدين وتمام النعمة، ط 3، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1416 هـ. ق، ص 483.

[7]- المباني النظريّة للتحوّل البنيويّ في نظام التربية والتعليم الرسميّ والعامّ في جمهوريّة إيران الإسلاميّة، إصدار المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم، ص 52.

[8]- م.ن.

[9]- يعيش الإنسان خلال حياته دومًا، وضعية خاصّة. والمراد من الوضعية  الحالة والعلاقة المحدّدة والفعّالة، التي يكون إدراكها وتغييرها نتيجة التفاعل الدائم للفرد (كعنصر واعٍ، حرّ مختار) مع الله المتعال ونطاق من عالم الوجود (حقائق ما وراء الطبيعة، الطبيعة والمجتمع) في محضر الله المتعال (مبدأ الوجود ومنتهاه، والحقيقة المتعالية المطلقة وغير المقيدة بوضعيّة). م.س، ص 49.

[10]- م.ن، ص 90.

اخر تعديل الجمعة, 17 آذار/مارس 2023 13:21 قراءة 491 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

الرزنامة


نيسان 2024
الأحد الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت
31 1 ٢٢ 2 ٢٣ 3 ٢٤ 4 ٢٥ 5 ٢٦ 6 ٢٧
7 ٢٨ 8 ٢٩ 9 ٣٠ 10 ٠١ 11 ٠٢ 12 ٠٣ 13 ٠٤
14 ٠٥ 15 ٠٦ 16 ٠٧ 17 ٠٨ 18 ٠٩ 19 ١٠ 20 ١١
21 ١٢ 22 ١٣ 23 ١٤ 24 ١٥ 25 ١٦ 26 ١٧ 27 ١٨
28 ١٩ 29 ٢٠ 30 ٢١ 1 2 3 4
لا أحداث

مواقع صديقة

Image Caption

جمعية المبرات الخيرية

Image Caption

مؤسسة امل التربوية

Image Caption

مدارس الامداد الخيرية الاسلامية

Image Caption

المركز الاسلامي للتوجيه و التعليم العالي

Image Caption

وزارة التربية والتعليم العالي

Image Caption

جمعية التعليم الديني الاسلامي

Homeمساحة الدراسات و الابحاث التربويةأخبار مستوى أولتلامذة مدارس المهدي (ع)يتضامنون مع الشعب اليمني
situs togel dentoto https://sabalansteel.com/ https://dentoto.cc/ https://dentoto.vip/ https://dentoto.live/ https://dentoto.link/ situs togel situs toto toto 4d dentoto omtogel http://jeniferseo.my.id/ https://seomex.org/ omtogel